قتال الكفار وتركه حسب المصلحة في العهد النبوي
يقول رحمه الله: "وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارةً، والمهادنة تارةً، وأخذ الجزية تارةً، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح".
وتجد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دائماً يمثل بالمثال الآتي، وذلك لأن واجب العلماء والدعاة مثل واجب المجاهدين. ونذكر كلامه رحمه الله للفائدة، يقول رحمه الله (28/188): "ترك أهل العلم لتبليغ الدين كترك أهل القتال للجهاد، وترك أهل القتال للقتال الواجب عليهم كترك أهل العلم للتبليغ الواجب عليهم". أي: قد يكون الأفضل في قتال العدو هو الإثخان في الأرض والقتل، كما في يوم بدر، فهذا كان الأفضل، وهو الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للمؤمنين؛ فقال: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ))[الأنفال:67]، وقد تكون المهادنة أو المصالحة أفضل، كما كان ذلك في عام الحديبية، وأخذ الجزية قد يكون أفضل، وهذا ما فعله الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مع بعض أهل الكتاب؛ فإن أهل الكتاب إذا عقد لهم عقد الذمة وأخذت منهم الجزية، أتيح لهم أن يسمعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن دينه؛ وهم يعرفون صفته صلى الله عليه وسلم، كما في كتابهم، وعندهم قابلية للتديُّن، لكنهم يتدينون على ضلال، فلو سمعوا الحق لآمنوا وأذعنوا، فتكون المصلحة في أخذ الجزية منهم.